متى يأتيك الإلهام؟
يعد هذا السؤال لغزاً على الكائن البشري، ماذا يفعل لكي تأتي له الفكرة العظيمة؟ وما هي الطريقة لذلك؟
يعد هذا السؤال لغزاً على الكائن البشري، ماذا يفعل لكي تأتي له الفكرة العظيمة؟ وما هي الطريقة لذلك؟ في حين أن كثير من الابتكارات والاكتشافات والأفكار العظيمة تبدو وكأنها أتت من عالم آخر لا يمت لواقعنا بصلة.. فحين ابتكر (إلياس هوو) ماكينة الخياطة الآلية في عام 1846 اعتبروا ذلك حدثاً عظيماً، ولكن العجيب أن هذا الابتكار ظهر لصاحبه بعد حلم غريب وكابوس مرعب؛ كما كتب في مذكراته.
غير أن هذا النوع من الأحلام يوضح الطريقة الفريدة التي يعمل بها الدماغ البشري!
فدماغ الإنسان لا يتوقف أبداً عن التفكير -حتى أثناء النوم- وهو "عنيد" لا ينسى أصل المشكلة حتى إن اعتقدنا نسيانها، وكثيراً ما يبرز الحل في رؤوسنا فجأة أثناء النوم أو الجلوس أو السرحان في التفكير، وفي الحمام أو التوقف عند الإشارة.. بدون مقدمات يأتيك الإلهام فجأة، بلا سبب أو مقدمات، فهذه هي هذه الظاهرة التي تسمى الإلهام لا دخل لنا فيها؛ ولكن الصحيح أن عقلنا الباطن لم يتوقف طوال الفترة السابقة عن تمحيص المشكلة من لحظة حدوثها حتى اللحظة التي يظهر فيها الحل في عقلنا فجأة.
ولعل هذا هو السر في أن معظم حالات الإبداع تأتي بشكل إلهام مفاجئ أثناء النعاس أو بين النوم واليقظة.. وهي لحظات عرفها معظم العباقرة والمبدعون، وإن لم يعترف معظمهم بذلك. فكما اكتشف (نيوتن) قانون الجاذبية أثناء النعاس على الشجرة، اكتشف (البيروني) بالطريقة ذاتها نظرية محيط الأرض، و(أرخميدس) هو كذلك اكتشف قانون الطفو أثناء عملية نعاسه، أما (فريدرك أوغست) حلل تركيبة البنزين في مكتبه خلال فترة القيلولة.
تخيلوا أن كل هذه الاكتشافات وصل الإلهام لها في فترة بداية النوم أو النعاس وبكل تأكيد غيرها الكثير.
أما الإغريقيون القدامى كانوا يسمون المشي برياضة الفلاسفة لما يمنحه من سكينة وحكمة وصفاء ذهني، فقد كانوا يتعمد الفلاسفة أن يضيعوا في شوارع المدينة بأقدامهم التائهة وعقولهم المفتوحة لالتقاط خيوط الإلهام، فهذه هي اللحظة التي كانوا يؤمنون أنه يأتيهم الإلهام فيها أثناء مشيهم بكل سكينة وهدوء.
في الختام..
لقد ضاعت الكثير من الأفكار التي تساوي ملايين، لأنها تأتيك على فراش النوم وأنت تشعر بالعجز من كتابتها في تلك اللحظة لأنك تنتظر الصباح حتى تكتبها، ولكن للأسف عندما يأتي الصباح تكون تلك الفكرة قد رحلت من تفكيرك وانتقلت لشخص آخر قام بدون عجز وكتبها في بداية شعوره بالإلهام، وفي صباح اليوم التالي قام بالعمل لتحقيقها.
وأنت متى يأتيك الإلهام؟