يزيد الراجحي وتطبيق "سلفة".. المشهور الطيب والمنتج الشرير
الرجل صاحب أعلى قيمة إعلانية في السوق السعودي يظهر في إعلان جديد.. ما هو؟ في إعلان مدته نحو دقيقتين، يظهر رجل الأعمال المعروف يزيد الراجحي في إعلان لخدمة وتطبيق اسمه "سُلفة"، وهي المرة الأولى التي نسمع فيها عن سُلفة مع فائدة، وليست أي فائدة، وإنما فائدة جبارة، يتسرّع ويغامر البعض بوصفها "ربا بثوب جديد"، في استغلال للضيقة والحاجة التي قد يمر بها المواطن، ولكن هل هذا صحيح؟
ما هو تطبيق سلفة؟
بالمختصر السريع، تطبيق "سلفة" هو أول شركة تقنية مالية تمنح تمويل شخصي سريع، مرخصة من البنك المركزي السعودي ومتوافقة مع أحكام الشريعة، إلا أن معدل النسبة السنوي يصل إلى 67%، لمدة تمويل تصل إلى 24 شهراً، في تطبيق مشابه لتطبيقي "تمارا" و"تابي".
ويعمل التطبيق الجديد وفقاً للشريعة الإسلامية، فوفقاً للشريعة، تعمل البنوك عادة على بيع سلعة بسعر مؤجل أعلى من الحالي، مثل بيع التقسيط والمرابحة، إلا أن التطبيق لم يحدد إن كان يتعامل بمبدأ السلع، لكنه يؤكد بأنه يعمل وفقاً للشريعة، ويرد مصرفيين بأن التطبيق يشتري معدناً ويبيعه بـ 25 ألف ريال، ثم يعود ليشتريه منك بـ 15 ألفاً، والسداد مؤجل، بطريقة شرعية ومباحة من هيئة كبار العلماء.
ويشترط لحصول العميل على التمويل بأن يكون المتقدم سعودي الجنسية، وأن يكون عمره بين 23 و60 عاماً مكتمل الأهلية، وأن يكون على رأس العمل بشرط ألا تقل فترة العمل عن 3 أشهر في الحدمة لموظفي القطاع الحكومي أو 6 أشهر لموظفي القطاع الخاص، كما أن الحد الأدنى للراتب الشهري 5 آلاف ريال لموظفي القطاعين العام والخاص، و10 آلاف ريال لموظف القطاع العسكري.
وعودة إلى الفائدة؛ وبشكل أوضح، فإن التطبيق يطبق نسبة سنوية على التمويل تصل إلى 67% لمبلغ 15 ألف ريال، تسدد على عامين، ونحو 60% على مبلغ 20 ألف ريال، و 53% على مبلغ 25 ألف ريال.
ووفقاً للمصرفي والمخطط المالي المعتمد أديب العُمري "تعتبر هذه النسب الربحية من أعلى النسب التي شاهدتها في حياتي رغم انني عملت لمدة 25 عاماً في القطاع المصرفي، وشخصياً أعتبر أسعار الفائدة المرتفعة جداً إجرام في حق (المحتاج) المقترض".
ميزة التطبيق أنه يقدم لك المبلغ المطلوب عاجلاً، وبتسهيلات قد لا توفرها البنوك، عند مرورك بضائقة مالية، لكن؛ هل الفائدة عادلة للمحتاج؟
السمعة الإعلانية
السؤال الجوهري هنا: هل يطيح "سلفة" بسمعة يزيد الراجحي؟
من ناحية إعلانية، فإن التطبيق المرتبط بيزيد الراجحي، ذو الفائدة المرتفعة، والتي أخفاها الراجحي في إعلانه وتعمّد عدم ذكرها، مغرٍ لذوي الدخل المحدود أو ممن يعاني ضائقة مالي وملتزم بسداد مستحقات مالية معينة.
وفي تحليل لـ "بلكونة"، قد يسيء الراجحي لسمعته الإعلانية المميزة التي كوّنها خلال العقد الماضي، ونجح في أن يكون من المشاهير ذوي المصداقية والأعلى قيمة إعلانية، وفي مثال حي؛ ففي شهر يناير من بداية العام الحالي، أعلن يزيد للعلامة التجارية "ماتش للعطور" التي تمتلكها أخته سارة الراجحي، وخلال يوم واحد فقط تمكن من بيع كامل منتجاتها، فهل سيفقد يزيد الراجحي قدرته على الإقناع الإعلاني عقب إعلانه لتطبيق "سلفة"؟ لا يمكن الجزم بذلك.
وفي الربع الثاني من هذا العام أيضاً، رفض يزيد إعلانين؛ أحدهما بقيمة 15 مليون ريال والآخر بثلاثين مليون ريال، فلماذا قَبِل بهذه المجازفة لتطبيق سلفة؟ لا نملك الرد الأكيد.
لكن الشائع حالياً، وفقاً لمستخدمين، أن الطريقة التي يعمل بها التطبيق توقع العميل في مديونية كبيرة، وفي المقابل؛ أظهر المواطن وعياً مالياً كبيراً لدى الأفراد، ويتجلى ذلك في الردود والضجة التي صاحبت التطبيق على منصة (إكس).
مصداقية الإعلان
من ناحية عمليّة؛ أثار الإعلان استياء مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، كونه لا يظهر حجم الفائدة على المبلغ، وكأن الراجحي تعمّد إخفاء ذلك، وهو أحد عيوب الإعلان.
وفي علم الإعلان، البضاعة الجيدة غالباً لا تحتاج ترويج، ويُقال "دع السلعة/ الخدمة تتكلم عن ذاتها"، إلا أن الخدمة في هذه الحالة لو تكلمت، لتراجعت شعبيتها كثيراً.
الشاب الثري يزيد الراجحي يقدم تطبيقاً للمحتاجين، إلا أن المأخذ الذي يتحدث عنه الخبراء والمستفيدين بأن ميزة تطبيق "سلفة" أنه يمنحك موافقة فورية على مدار الساعة، لكنه بذلك يحفّز على أخذ السلف وتقسيط المشتريات بأرباح عالية، وكأنه يغرق المواطن بالدَّين دون أن يشعر.
كما أن الإعلان فتح باباً على البنوك لا يسد، في ظل مطالب بأن تقدم لعملائها القدامى (5 سنوات وأكثر) خدمة سلفة لمدة 10-15 يوماً لمرة واحدة سنوياً مثلاً، ثم تستقطع المبلغ من الراتب التالي، خدمة للعميل وتعزيزاً لولائه للبنك، وتلافياً للخسائر الفلكية التي سيتكبدها في حال استدان واقترض من تطبيقات وخدمات رقمية.
والسؤال الآن: لو كنتم مكان يزيد الراجحي.. ما هي خطوتكم التالية لتعزيز السمعة الإعلانية عقب إعلانه لتطبيق "سُلفة"؟