ماكدونالدز السعودية المرتبك تسويقياً "كاد المريب أن يقول خذوني"!
يقول الخبر الطريف أن هناك بقرة تائهة في شوارع الخُبر، لكن الأكثر ظرافة أنه بات منتظراً من ماكدونالدز أن يصدر بياناً حولها، لينفي قاطعاً – ولو افتراضياً-: "ليس لنا علاقة بالبقرة التائهة في مدينة الخبر، بقرنا عاقل وما يسوي مشاكل!".
بهذه المقدمة المتخيلة يمكن أن نلخص ما حدث مع ماكدونالدز السعودية خلال الأيام القليلة الماضية، وفريقه التسويقي الذي استثمر واقعة مطعم "هامبرغيني"، وخرجوا ببيانين متتاليين؛ الأول ينفي وقوع تسمم في سلسلة فروعهم، والآخر ينفي استخدام المايونيز ذاته المتسبب بحادثة التسمم في "هامبرغيني". أثارت هذه البيانات المتلاحقة استغراب العملاء، وسط تساؤلات طريفة عن حول بيان ماكدونالدز القادم، والأسباب التي دفعت إلى إطلاق بيان غير منتظر. الدعاية والدعاية المضادة تحت مجهر فريق (بلكونة)، الذي يطرح تساؤلاً: هل تعاني ماكدونالدز السعودية من "فرط الحركة الإعلانية"؟ أم أن ما حدث هو ارتباك من قبل الإدارة التنفيذية وتسرّع غير محسوب، وكأن المريب يكاد أن يقول خذوني.
ضوضاء إعلانية
لنتخيل المشهد: يصدر كل مطعم في المملكة بياناً ينفي فيه استخدامه المايونيز الملوث، كيف سيكون المشهد الإعلاني والاتصالي؟
بالطبع؛ ضوضاء إعلانية ربما تعود سلباً على المستهلك وتربكه، وتجعله يختار الابتعاد عن فضاء المطاعم لفترة زمنية ما، مثلما اختار المستهلكون الابتعاد عن مطاعم البرغر عقب إغلاق مطعم واحد تسبب في ظهور حالات تسمم غذائي، صاحب ذلك انخفاض عام في القوة الشرائية على مطاعم الوجبات السريعة التي تقدم وجبات البرغر في الرياض بنسبة 40%، وفقاً لتقارير صحافية.
شقيقان سعوديان لعلامة واحدة
في التعامل مع الأزمات والإعلانات، لدينا نموذجان شقيقان لعلامة تجارية واحدة!
فماكدونالدز في السعودية يمثّلها كيانان؛ شركة الرياض للأغذية مالكة حق الامتياز الحصري لمطاعم ماكدونالدز في المناطق الوسطى والشرقية والشمالية، وشركة رضا للخدمات الغذائية مالكة حق الامتياز لمطاعم ماكدونالدز في المنطقتين الغربية والجنوبية. ولكل منهما طريقته في الإعلان والدعاية والتسويق.
لنبدأ مع ماكدونالدز الغربية والجنوبية، والتي لم تصدر أي إعلان أو بيان رسمي منذ بداية العام 2024، وتحديداً منذ أزمة الحرب على غزة والخبر المتداول عن تبرع وكيل ماكدونالدز في إسرائيل بوجبات، حيث أصدرت حينها الشركة بياناً وأعلنت عن تبرعها بمليوني ريال لجهود إغاثة أهالي غزة، واختفت بعدها عن الأنظار إعلانياً واتصالياً.
أما ماكدونالدز الوسطى والشرقية والشمالية فكان سخياً في بياناته، وإعلاناته، وأكثر من ذلك!
فقد أطلق موقعاً لمبادرته (أجيالنا)، ينشر فيه أخبار ماكدونالدز في المسؤولية الاجتماعية، ومبادراتها الإنسانية، وحتى تقارير سنوية عن جهودها وأفكارها لتوطين القطاع، فهل يعاني ماكدونالدز الوسطى من الوحدة وبحاجة إلى كثير من الفضفضة؟
بلغة الأرقام، ماكدونالدز الوسطى ينشر يومياً بمعدل 2 – 3 إعلانات يومياً، منذ أواخر مارس الماضي، بعد أن توقف لنحو خمسة شهور عقب أزمة غزة، كما أصدر في الأسبوعين الأخيرين بيان ينفي استخدامه لمايونيز (Bon Tum)، وبيان آخر ينفي إشاعات كاذبة تدعي وجود حالات تسمم فيه، بالإضافة إلى تقريرين عن توطين الوظائف والمسؤولية الاجتماعية، بالإضافة إلى ردود على تعليقات واستفسارات وحتى اقتراحات مستخدمي الفضاء الرقمي.
مرح تسويقي
يُحسب لماكدونالدز السعودية تفاعله مع الأحداث الدائرة في الساحة، لكنه تسبب في ظهور الدعاية السلبية، التي أضرت بصورة العلامة التجارية، وجعلتها محلاً للتندر حيناً، والسخرية في أحيان أخرى.
فعقب بيان المايونيز الأخير، ظهر وعي المستهلك السعودي في عالم التسويق والدعاية، وأبدى تساؤلات عن هذا التفاعل في غير محله، وأصدر نكاتاً وطرائف حوله، مثل "إذا دق الباب لا تفتحون، هذولي ماكدونالدز جايين يحلفون ما عندهم ولا حالة تسمم"!
اتصالياً، وفي علم الدعاية، يرى خبراء بأنه لا يجب أن تنبه العملاء إلى مشكلات اتصالية غير موجودة أصلاً، لاسيما وأنه لم توجه التساؤلات والاتهامات إليك مباشرة، وقد يُستَغل ذلك في حروب العلامات التجارية للإضرار بكيان سعودي يعمل فيه 4226 موظفاً سعودياً، منهم 423 مديراً، و 635 موظفة سعودية، وفقاً لبيانات "ماك" الرسمية.
ولعل ظهور عدد من البيانات في فترة زمنية قياسية يضر بالعلامة والسوق ككل، وليس صحياً ظهور عدد كبير من تلك البيانات في سوق مطاعم الخدمة السريعة في المملكة.
وفي المحصلة، تمكّنت فريق التسويق لدى ماكدونالدز السعودية من استثمار الدعاية السلبية بنوع من "المرح التسويقي"، يشعر فيه العملاء بأنهم أكثر ذكاء وتفوقاً من العلامة التجارية، وأكثر ألفة معها، وأظهروا روحاً رياضية حينما أصدروا إعلاناً عبر منصة (إكس) عن وجبة ماك عربي بصيغة البيانات الرسمية، كتبوا فيه بأن "خبز ماك عربي وليس فرنسياً، وطازج بعد، ونرجو من الجميع عدم نشر معلومات خاطئة وفكونا من الإشاعات!"، وعلقوا على المنشور بقولهم "بيان رسمي.. من كثرها نسينا رقم كم"، واستعانوا بمشاهير ومؤثرين في حملتهم الطريفة مثل هليّل، عبدالله الخريّف، هولز، Soom، ريما، فوف، وحسابات Celebs Arabic ،Trend pase ،Gorgeous.
لنختتم هذا المرح التسويقي بتغريدة ختامية بالأمس "اللي يكتب بياناتنا ما داوم من أمس ولا يرد علينا 😱 الله يستر شكله هج 😭!!".